.
تقع أم الجمال في قلب الصحراء الأردنية إلى الشرق من مدينة المفرق على بعد ١٥ كليو مترا، وقد بنيت بالحجر البركاني الأسود
الذي خلفته البراكين في تلك المنطقة.
قديماً، كانت تعرف أم الجمال بأنها مدينة تجارية تركت أبراجها ومنازلها وكنائسها وبركها وساحاتها وبواباتها وطرقها شواهدَ كثيرة على تعاقب الحضارات في الأردن.
ويكمن سر أم الجمال بحسب معالمها التاريخية وآثارها وجمالها في مسيحيّتها، بدليل وجود خمسة عشر كنيسة، أقدمها كنيسة يوليانوس التي تعود إلى سنة ٣٤٥م. ونظرا لأهمية أم الجمال الدينية والتاريخية تم أدراجها الشهر الماضي على لائحة التراث العالمي لليونسكو.
أنشأ الأنباط أم الجمال واسمها الأصلي 'ثانتيا' لتكون محطة استراحة للقوافل التجارية بين البتراء عاصمة مملكة الأنباط وبلاد الشام، وهي مبنية من الحجر البركاني الأسود الذي خلفته البراكين، وتُشاهد الكتابات النبطية، والقبور، ومعظمها مدافن للعائلات النبيلة في ذلك الزمن.
يعود التاريخ المسيحي في منطقة أم الجمال إلى سنة ٥٥٧ ميلادية حيث تم تدشين كاتدرائية المدينة، فجاءت الوفود المسيحية من مختلف الأبرشيّات المجاورة في الأردن وسورية وفلسطين.
يشار إلى أنّ خريطة مادبا الفسيفسائية التي تعود إلى حوالي سنة ٥٦٥ ذكرت ورسمت مدينة أم الجمال وكاتدرائيتها والمدن والمراكز الأخرى المهمة في الصحراء الأردنية.
تحتضن أم الجمال خمس عشرة كنيسة وهذا دليل على ازدهار المسيحية وأصولها العريقة وعلى تقوى اهلها وحبهم للمسيح وكان للسلطة الكنسية اهتمام دائم بالمسيحيين الوافدين مع كل القوافل، وأقدم كنيسة هي كنسية يوليانوس التي تعود إلى سنة ٣٤٥ ميلادية.
ويروى تاريخ أم الجمال في العصر البيزنطي وجود ثكنة عسكرية تحولت إلى دير يضم برجاً من ستة أدوار يبلغ ارتفاعه ستة عشر مترا، وتبرز منه شرفه فوق كل جهة من جهاته الأربع كتب عليها اسم أحد رؤساء الملائكة: جبرائيل وميخائيل وروفائيل، والثكنة عبارة عن بناء مستطيل فيه كنيسة من ثلاثة أروقة وحول الكنيسة باحة مفتوحة ومحاطة بالغرف.
الإرث المسيحي يظهر أيضاً في الكنيسة الغربية الواقعة على مقربة من بوابة كومودوس ويبلغ طول مدخلها الرئيسي حوالي أربعة وعشرين مترا ويبلغ طولُ صحنها حوالي اثنين وعشرين مترا وعرضه ستة عشر مترا، وبجوار الهيكل قوسان نقش عليهما صليبان ويحيط بالكنيسة رواقان من الشمال ومن الجنوب وبين صحن الكنيسة والأروقة صفان من الأقواس.
وأما بقية الكنائس فبعضها يتخذ شكل قاعة كبيرة وبعضها يحوى صحناً في الوسط تفصله عن الأروقة الجانبية أقواس قائمة على قواعد.
ورغم الزلزال الرهيب الذي حدث سنة ٧٤٦ بقيت آثار أم الجمال دليلاً على مجدها وعمقها المسيحي في التاريخ.