.
لا تكتمل زيارة مادبا ولا ينتهي المسار
دينيا وسياحيا فيها إلا بزيارة المتنزه الأثري الذي يضم العديد من الكنائس وأجزاء
من الشارع الروماني ذي البلاط الحجري،
وكذلك أبنية يعود تاريخها إلى العصر الأموي وبعض البيوت التراثية، إضافة
إلى بقايا القصر المحترق الذي يعود بناؤه إلى القرن السابع الميلادي.
أبرز الكنائس في المتنزه هي: كنيسة
العذراء وقاعة هوليبوتوس وكهف اليانوس وكنيسة الرسل وكنيسة الشهداء وكنيسة يوحنا المعمدان.
ينطلق السائح في جولته إلى المتحف
ويشاهد في الواجهة الأمامية أقدم جدارية فسيفسائية، تضم قطعا رائعة الجمال. ويسير
السائح على الأقدام نحو الشارع الروماني القديم الذي يمتد في مدينة مادبا من الشرق
إلى الغرب، ويقوده إلى بوابات أسوارها القديمة ويمتد تحت الأرض لمسافة طويلة،
وكذلك يمتاز بحجارته المرصوفة، حيث يُحاط بأعمدة مغطاة بطبقة من التراب الصلب يعود
تاريخها إلى الفترة البيزنطية والرومانية.
يصل السائح إلى كنيسة العذراء التي بُنيت في أوائل القرن
السادس، ويطّلع على مخطوطات من أوراق نبتة "الأقنثا" المسننة التي تحتوي
على مناظر للصيد ومناظر ريفية للفصول الأربعة على شكل مربع وسطي عليه دوائر معقودة
وكتابة يونانية، فيما هناك نقش طويل أمام حاجز الهيكل .
اماً الجزء الثالث من المتنزه فهو
كنيسة النبي إلياس وسرداب القديس اليانوس، وتقع الكنيسة إلى الجهة الجنوبية من
الشارع الروماني حيث تم بناء ورصف السرداب بالفسيفساء سنة 595 ميلادية.
اللوحات الفسيفسائية موجودة أيضاً في
كنسية الرسل التي تعتبر من أقدم الكنائس في مادبا وتمتاز بمكانة دينية وتاريخية
وأثرية، علما أنها كنيسة بيزنطية بُنيت عام 597 ميلادية، وتم اكتشافها عام 1902
وتمثل أرضياتها الفسيفسائية آلهة البحر وبعض الحيوانات البحرية والنباتات والأشكال
الهندسية، وتعتبر أرضية هذه الكنيسة من أكبر الأرضيات الفسيفسائية المحفوظة بشكل
جيد.
أما كنيسة الشهداء، فيعود تاريخ بنائها
إلى القرن السادس الميلادي وهي من أكبر كنائس مادبا، وقد استخدمت حجارة المباني
الرومانية في بنائها.
ويرى السائح في كنيسة يوحنا
المعمدان البئر المؤابي القديم وعمقه 9
أمتار بعرض 12، إضافة إلى أيقونة قطع رأس يوحنا المعمدان ، ويتم تقديم النذور في
المزار داخل الكنيسة.
وبعدها يتجه السائح نحو القصر المحترق
الذي يعتبر إرثاً حضارياً وتاريخياً ودينياً، إذ يحتوى على أرضيات فسيفسائية تمثل
الحياة اليومية وصورة لما يسمى آلهة النصر تايكي، وقد لاحظ علماء الآثار أثناء
حفرياتهم أنّ هذا القصر تعرض قديما لحريق، ولذلك أطلقوا عليه اسم "القصر
المحترق".
ويرى السائح خلال زيارته لمادبا عشر كنائس تحوى في
داخلها أروع وأثمن ما أنتجته مدرسة مادبا الفسيفسائية حيث يشاهد الزائر الصورة
الواقعية عن الحياة اليومية في العصر البيزنطي.