.
يقع مزار قطع رأس يوحنا المعمدان في دير اللاتين في مادبا. والكنيسة مبنيّة على منطقة التل، حيث كان هناك قلعة قديمة تعود جذور بنائها إلى العهود والحضارات القديمة التي مرّت على المكان من الحضارة المؤابيّة إلى الرومانيّة وأخيرًا البيزنطيّة. وصلت عشائر مسيحيّة إلى مادبا عام 1880، وكانت عبارة عن أطلال من الحجارة المتراكمة فوق بعضها البعض، فشرعت ببناء البيوت والكنيسة التي سُميّت بكنيسة قطع رأس يوحنا المعمدان، وذلك لقربها من المكان الذي تم فيه قطع رأس يوحنا المعمدان في قلعة مكاور.
تُعتبر منطقة التل في مادبا من أقدم المناطق الأثريّة فيها، لا بل تمثّل مركز المدينة القديمة. فعلى هذه التل كان هناك قلعة قديمة (أكروبوليس) تتربّع عليها تعود جذور بنائها إلى العهود والحضارات القديمة التي مرّت على المكان من الحضارة المؤابيّة إلى الرومانيّة وأخيرًا البيزنطيّة، وذلك قبل أن يضرب المدينة زلزال عظيم سنة 746 للميلاد، والذي حوّل المدينة إلى ركام من الحجارة.
عندما وصلت العشائر المسيحيّة سنة 1880، برفقة الكاهن الإيطاليّ إسكندر مكانيو، إلى خربة مادبا، كانت عبارة عن أتلال من الحجارة المتراكمة على بعضها البعض. عمل الكهنة على إستقرار العشائر المسيحيّة في مادبا، والذين بدورهم شرعوا ببناء بيوتهم وكنائسهم، لتدبّ الحياة في المدينة من جديد، بعدما كانت مدمّرة ولا حياة فيها.
بُنيت أول كنيسة في عهد الكاهن الإيطاليّ باولو (بولس) باندولي سنة 1883، والتي كانت عبارة عن بناء متواضع من الحجارة والطين. ثم قام الكاهن الإيطاليّ جوزيبي (يوسف) مانفريدي سنة 1892 ببناء كنيسة أكثر حداثة مكوّنة من غرفتين، إلى أن إستطاع بالحصول على فرمان لبناء الكنيسة الحاليّة وذلك سنة 1913 والتي تُعتبر تحفة فريدة بهندستها المعماريّة المميّزة.
بنيت الكنيسة على التلّ الأثريّ للمدينة، واليوم وعند زيارة الكنيسة يستطيع الزائر أن يزور الكنيسة والتي سُميّت كنيسة قطع رأس يوحنا المعمدان، وذلك لقربها من المكان الذي تمّ فيه قطع رأس يوحنا المعمدان في قلعة مكاور. وعند نزوله الدرج الذي يتجه إلى أسفل الكنيسة يمكن للزائر أن يرى أثار القلعة البيزنطيّة القديمة والتي أستخدمت كأساس لبناء الدير والكنيسة، وهي عبارة عن أعمدة وأقواس، حيث، وبعد القيام بأعمال تنقيب في تلك المنطقة، تم إكتشاف قطعة صغيرة من الفسيفساء البيضاء، وأيضًا قناة مياه وأرضيّة من الحجارة المبلّطة والملساء، وأجزاء من صور القلعة القديمة.
إنّ المكان غنيّ بالأثار المطمورة تحت التراب، والتي لم تكتشف بعد، وبحاجة إلى مختصّين وبعثات تنقيب علميّة من أجل التنقيب بالطرق العلميّة الحديثة، وذلك لضمان سلامة بناء الكنيسة والدير القديمين.